عائشــــة بنت أبى بكــر

ثالث أم من أمهات المؤمنين و المؤمنات السيدة ” عائشة بنت أبى بكر “

و اليوم موضوعنا التعرف على ثالث أم من أمهات المؤمنين و المؤمنات السيدة ” عائشة بنت أبى بكر ”

عائشة بنت أبي بكر (توفيت سنة 678م) إحدى زوجات رسول الله محمد بن عبد الله ومن أمهات المؤمنين، ولدت في السنة الرابعة بعد البعثة، روت عائشة العديد من الأحاديث النبوية عن الرسول وخاصة ما يتعلق بحياته الخاصة، بلغ عددها 2210 منها 316 في صحيح البخاري ومسلم.

نسبــــها :-

• أبوها: أبو بكر بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بنمضر بن نزار بن معد بن عدنان.
• أمها : أم رومان بنت عامر بن عمير بن ذهل بن دهمان بن الحارث بن تيم بن مالك بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.

نشـــأتها :-

لقد ولدت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في بيت مليء إيمانا وعلما وحكمة وكرما وشرفا ونبلا فنشأت مع إخوتها بين أبوين كريمين فتربت على الأدب والخلق الرفيع، وتعلمت من أبيها أشعار العرب وأيامهم.. في طفولتها منذ نعومة أظفارها قبل أن تنتقل إلى بيت النبوة الذي عاشت فيه بداية شبابها وفيه سمعت ما يتلى من آيات الله والحكمة فكانت من أنجب من تربى في مدرسة النبوة، ولم تتجاوز العقد الثاني من عمرها حتى استوعبت جميع ثقافة مجتمعها وتفوقت على غيرها في شتى العلوم الموجودة في ذلك العصر رضوان الله عليها.

زواج محمد ” صلى الله عليه و سلم ” منها :-

تزوجها رسول الإسلام محمد بن عبد الله بعد وفاة زوجته الأولى أم المؤمنين خديجة بنت خويلد وزواجه من أم المؤمنين سودة بنت زمعة العامرية القرشية، وكان ذلك قبل الهجرة بسنتين، ورغم ورود أن عمرها كان ست سنين، حين تزوجها الرسول وتسع سنين حين بنى بها كما في البخاري ومسلم وقد عاشت مع الرسول ثمانية أعوام وخمسة أشهر.

كما تقول بعض الروايات أن عائشة كانت تبلغ مبلغ النساء عندما تزوجها النبي محمد. كما أن ابن حجر روى عن أبي نعيم أن أسماء بنت أبي بكر – أخت عائشة الكبرى – وُلدت قبل الهجرة بسبع وعشرين سنة، ومعنى ذلك أن عائشة كانت تبلغ سبعة عشر عاما تقريبا حين الهجرة أي حين تزوجها محمد، لأن أسماء تكبر عائشة بعشر سنوات. كما أن ابن قتيبة نصّ على أن عائشة توفيت سنة ثمان وخمسين وقد قاربت السبعين، وهذا يعني أنها كانت حين زواجها بمحمد في عمر الثلاثة عشر تقريبا، لأن الزواج تم قبيل الهجرة النبوية الشريفة .

حادثة الإفك :-

مرت عائشة في ملابسات حادثة الإفك وذكرها الله تعالى في القرآن الكريم ذكر القرآن: ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ وقد برّءها الله وطهّرها وزكّاها، وقد حكم ابن عباس بالكفر على من اتهمها بالفاحشة بعد تبريء الله لها.

موقعة الجمل :-

في اليوم العاشر من جمادى الأول سنة 36 هجري بعد مقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان بايع المسلمون علي بن أبي طالب طوعاً وكانت عائشة قد سألها الأحنف بن قيس عن من يُبايع بعد عثمان. فأمرته بمبايعة علي. لكن عائشة وطلحة والزبير بعد أن بايعوا علياً قصدوا البصرة مطالبين علياً بمعاقبة قتلة عثمان، فقصد الإمام علي بن أبي طالب البصرة في بِضع فرسان يدعوهم للتريّث حتى تهدأ الأمور فيتسنّى له القبض على القتلة وتنفيذ حُكم الله فيهم، فإن الأمر يحتاج إلى الصبر. فاقتنعوا بفكرة علي التي جائهم بها القعقاع بن عمرو التميمي، فاتفقوا على المُضِيّ على أمر أمير المؤمنين علي وباتوا بأهنأ ليلة، حتى إن عبد الله بن عباس -وكان ممن جاء مع علي- بات ليلته تلك في معسكر طلحة والزبير، وبات محمد بن طلحة بن عبيد الله -وكان جاء مع أبيه- في معسكر أمير المؤمنين علي أجمعين.

بات تلك الليلة رؤوس الفتنة بشر حال، فاجتمعوا ورؤوا أن اصطلاح الفريقين ليس من صالحهم، فأرادوا اغتيال أمير المؤمنين علي فأشار بعضهم ألا يفعلوا، فإن وقعوا في أيدي المسلمين ذبحوهم فإنهم لم يهدأ حزنهم على عثمان فكيف بقتل خليفته. فقرر ذلك المؤتمر الآثم إشعال الحرب بين الفريقين. وقبل دخول الفجر أمروا بعض زبانيتهم بدخول معسكر الإمام علي وقتل بعض الجنود هناك، والبعض الآخر يدخل معسكر طلحة والزبير ويقتل بعض الجنود هناك. فيظن كلا الفريقين أن الآخر قد غدر به، وفعلاً ظن الفريقان ذلك. فقام الجنود إلى سلاحهم في ذعرٍ وذهول، فجاء علي إلى الزبير وذكره بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال للزبير أنه سيقاتل علياً وهو له ظالم، فرجع الزبير على أعقابه فمنعه ابنه عبد الله وقال له بأنهم لم يأتوا لقتالٍ ولكن للإصلاح بين الناس، أي حتى هذه اللحظة لم يخطر ببال الصحابة أن ستنشُب الحرب. فلما سمع طلحة بن عبيد الله كلام أمير المؤمنين علي للزبير رجع هو الآخر أدباره، فرماه أحد رؤوس الفتنة بسهمٍ في عنقه فمات، لأنه ليس من مصلحة رؤوس الفتنة انتهاء الحرب. ودارت رحى المعركة وأمير المؤمنين علي يقول: ” يا عباد الله كُفّوا يا عباد الله كُفوا “. فلما رأت عايشة ما يجري من قتال ناولت كعب بن سور الأزدي كان يُمسك بلجام ناقتها مصحفاً وأمرته أن يدعوا الناس للكف عن القتال قائلةً: ” خل يا كعب عن البعير، وتقدم بكتاب الله فادعهم إليه “، هنا تحرّك رؤوس الفتنة فرؤوا أنها مبادرة خطيرة لوقف الحرب فأرادوا أن يأدوها، فرموا كعباً بسهامهم فأردوه فتيلاً. في وسط المعركة دخل سهم طائش في هودج أم المؤمنين فأدمى يدها فأخذت بلعن قتلة عثمان فسمعها الجيش الذين معها فلعنوهم فسمعهم أمير المؤمنين علي وجيشه فلعنوهم. فاشتاط رؤوس الفتنة – قتلة عثمان – غضباً فقرروا اغتيال أم المؤمنين عائشة لأنها لن تكُفّ عن توحيد الفريقين بإظهار حبهم لعثمان وحقدهم على قتلته ولن تكف عن مبادرات إيقاف الحرب وتهدئة النفوس، فأخذوا يضربون هودجها بالسهام من كل مكان حتى صار كالقنفذ. ولكن كان قلب أمير المؤمنين خائفاً على سلامة أمه أم المؤمنين فأمر بعقر (أي قتل) البعير الذي عليه هودج أم المؤمنين لأنه مستهدف ما دام قائماً. فعُقِرَ البعير وانتهت المعركة التي لم تكن بحُسبان الصحابة والمؤمنين أنها ستقع فكلا الفريقين قصد البصرة على غير نية القتال، ولكن قدّر الله وما شاء الله فعل.

إن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب لم ينسَ قول النبي له ذات يوم: ” إنه سيكون بينك وبين عائشة أمر ” -أي أمر ظاهره الخلاف-، قال علي متعجباً ومصدّقاً: ” أنا يا رسول الله؟! “، فقال النبي: ” نعم “، قال علي: ” أنا أشقاهم يا رسول الله “، فقال : ” لا، ولكن إذا كان ذلك فارددها إلى مأمنها “. روى الحديث الإمام ابن حجر والإمام الهيثمي.

فأمر أمير المؤمنين علي بتنحية هودج أم المؤمنين جانباً وأمر أحد قادة جنده وهو أخوها محمد بن أبي بكر بتفقّد حالها أن يكون أصابها مكروه، فرأها بخير وسُرّت هي برؤيته حياً بقولها: ” يا بأبي الحمد لله الذي عافاك “. فأتاها أمير المؤمنين علي وقال برحمته المعهودة: ” كيف أنتِ يا أمه ؟ “، فقالت : ” بخيرٍ يغفر لله لك “، فقال: ” ولكِ “. فأدخلها دار بني خلف فزارها بعد أيام فسلم عليها ورحبت هي به. وعند رحيلها من البصرة جهزها بكل ما تحتاج إليه من متاع وزاد في طريقها للمدينة المنورة وأرسل معها 40 امرأة من نساء البصرة المعروفات وسيّر معها ذلك اليوم أبنائه الحسن والحسين وابن الحنفية وأخوها محمد بن أبي بكر الصديق. فلما كان الساعة التي ارتحلت فيه جاء أمير المؤمنين علي فوقف على باب دار بني خلف -حيث أقامت أم المؤمنين- وحضر الناس وخرجت من الدار في الهودج فودعت الناس ودعت لهم، وقالت: ” يا بني لا يعتب بعضنا على بعض، إنه والله ما كان بيني وبين علي في القِدم إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها وإنه على معتبتي لمن الأخيار “، فقال أمير المؤمنين علي: ” صدقت والله ما كان بيني وبينها إلا ذاك، وإنها لزوجة نبيكم في الدنيا والاخرة ” وسار علي معها أميالاً مودّعاً لها حافظاً.

وفاتهــــا و دفنهـــــا :-

جاء عبد الله بن عباس يستأذن على عائشة عند وفاتها فجاء ابن أخيها عند رأسها -عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق-، فأكب عليها ابن أخيها عبد الله فقال: ” هذا عبد الله بن عباس يستأذن “، وهي تموت، فقالت: ” دعني من ابن عباس “. فقال: ” يا أماه !! إن ابن عباس من صالح بنيك يسلم عليك ويودعك “. فقالت: ” ائذن له إن شئت “. قال: ” فأدخلته “، فلما جلس قال ابن عباس: ” أبشري “. فقالت أم المؤمنين: ” بماذا؟ “، فقال: ” ما بينك وبين أن تلقي محمداً والأحبة إلا أن تخرج الروح من الجسد، وكنت أحب نساء رسول الله إليه، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب إلا طيباً. وسقطت قلادتك ليلة الأبواء فأصبح رسول الله وأصبح الناس وليس معهم ماء، فأنزل الله آية التيمم، فكان ذلك في سببك، وما أنزل الله من الرخصة لهذه الأمة، وأنزل الله براءتك من فوق سبع سموات، جاء بها الروح الأمين، فأصبح ليس مسجد من مساجد الله إلا يتلى فيه آناء الليل وآناء النهار “. فقالت: ” دعني منك يا ابن عباس، والذي نفسي بيده لوددت أني كنت نسياً منسياً “.
توفيت ليلة الثلاثاء السابع عشر من رمضان من السنة السابعة أو الثامنة أو التاسعة والخمسين للهجرة. صلى عليها أبو هريرة بعد صلاة الوتر، ونزل في قبرها خمسة: عبد الله وعروة ابنا الزبير بن العوام من أختها أسماء بنت أبي بكر والقاسم وعبد الله ابنا أخيها محمد بن أبي بكر، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر، وكان عمرها يومئذ سبعا وستين سنة.

مكانتـــها عند المسلميـــــن :-

روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص في صحيح الترمذي :
( يا رسول الله من أحب الناس إليك ؟ قال : عائشة ، قال من الرجال ؟ قال: أبوها .)

كان الناس يعرفون حب الرسول لها لذا كانت أيامه الأخيرة في حجرتها وتوفي ورأسه على صدرها.
روي عن عروة بن الزبير في الجامع الصحيح :
( كان الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة ، قالت عائشة : فاجتمع صواحبى إلى أم سلمة ، فقلن: يا أم سلمة ، و الله إن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة ، و إنا نريد الخير كما تريده عائشة ، فمرى رسول الله أن يأمر الناس : أن يهدوا إليه حيثما كان ، أو حيثما دار ، قالت : فذكرت ذلك أم سلمة للنبى ، قالت: فأعرض عنى ، فلما عاد ذكرت له ذلك فأعرض عنى ، فلما كانت الثالثة ذكرت له فقال : ( يا أم سلمة لا تؤذينى فى عائشة ، فإنه و الله ما نزل على الوحى وأنا فى لحاف إمرأة منكن غيرها )

وعائشة من أكثر النساء رواية للحديث عن الرسول في كتب أهل السنة.

مكانتها عند الطوائف الإسلامية:-

• أهل السنة والجماعة : تحظى شخصية عائشة بمكانه مرموقة عند أهل السنة والجماعة وتحاط بواجبات التقدير والاحترام كونها زوجة الرسول وأم المؤمنين.
• الشيعة: تختلف نظرة بعض الشيعة لعائشة بنت أبي بكر من ناحية المكانة والتقديس وذلك لأنهم يعتبرون أنه قد بدر منها تصرفات منافية للإعتقاد الشيعي فيما يخص موضوع الإمامة ،لكن هناك جانب آخر من الشيعة يحترمها ويترضى عليها كما ذكر ذلك الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية في إيران “آية الله” محمد علي تسخيري في حوار له في مؤتمر عقد بالدوحة حين قال “إننا جميعا نحترم السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها” .
• الطوائف الإسلامية الأخرى: لا تختلف نظرة بقية الطوائف الإسلامية لعائشة عن نظرة أهل السنة والجماعة .

تراثهـــا :-
وفقا للعقيدة السنية تعد عائشة من أكبر رواة الحديث ولها عدد كبير من الأحاديث في مصادر التراث السنية كما كانت من أكبر فقهاء عصرها لذا فهي تعد أول فقيهة في الإسلام .

و هكذا انتهى تعريفنا عن الأم الثالثة من أمهات المؤمنين و المؤمنات السيدة ” عائشة بنت أبى بكر رضى الله عنها “

Similar Posts