ودّعت مصر والأمة الإسلامية قبل أيام أحد أبرز علمائها الأجلاء، العلامة المحدث الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، وأحد كبار خدام السنة النبوية في العصر الحديث، بعد رحلة علمية ودعوية امتدت لعقود ملأها بالعطاء والعلم والبيان.
سيرة عطرة ومكانة علمية رفيعة
وُلد الدكتور أحمد عمر هاشم في محافظة الشرقية، ونشأ في بيتٍ علميٍّ أزهريٍّ عرف بالتصوف والعلم. حفظ القرآن الكريم صغيرًا، وتلقى علومه في الأزهر الشريف حتى حصل على الدكتوراه في الحديث وعلومه، ليصبح أحد ألمع المتخصصين في هذا العلم الشريف، وأحد أبرز من حملوا لواء الدفاع عن سنة النبي ﷺ في زمن كثرت فيه الشبهات.
تولى خلال مسيرته العلمية والدعوية العديد من المناصب المهمة، منها رئاسة جامعة الأزهر، وعضوية هيئة كبار العلماء، وعضوية مجلس النواب، كما كان مستشارًا للعديد من المؤسسات الإسلامية داخل مصر وخارجها.
صوت الأزهر وفارس المنابر
عُرف الراحل بصوته العذب ونبرته الصادقة التي أحبها الناس، فملأ المساجد والبرامج الدينية نورًا وبيانًا، وترك أثرًا طيبًا في قلوب الملايين من محبيه. كان فارسًا من فرسان المنابر، وخطيبًا مفوهًا جمع بين فصاحة اللسان وصدق الوجدان، وكانت كلماته عن النبي ﷺ تنبع من قلبٍ مفعمٍ بالمحبة واليقين.
علاقة خاصة بالشيخ الشعراوي
من المواقف البارزة في حياة الدكتور أحمد عمر هاشم علاقته الوثيقة بالإمام الراحل الشيخ محمد متولي الشعراوي، إذ كان أحد تلامذته المقربين، ورافقه في مجالس العلم والمناجاة، حتى أوصى الشعراوي قبل وفاته بأن يكون الدكتور أحمد عمر هاشم حاضرًا في مراسم غسله، تقديرًا لمكانته ومحبته له.
عالم عاشق للنبي ﷺ
كان الدكتور أحمد عمر هاشم يعيش مع السنة بعين القلب كما وصفه تلاميذه، يقرأ أحاديث النبي ﷺ بعشق، وينقلها للناس بروحٍ تفيض حبًا وصدقًا. قال عنه أحد المقربين: “كان يفيض حبًا لرسول الله، وإذا تحدث عن سيرته العطرة تدمع عيناه خشوعًا وشوقًا”.
كما كان شاعرًا أديبًا له عدد من الدواوين، أبرزها القصائد التي تغنّى فيها بحب رسول الله ﷺ، منها قوله:
“عذرًا رسول الله إن قصّرت في وصفٍ
فإن جمالكم لن يُوصَفا
جاءت قديمًا ذرةٌ من نوركم
قد جمّل الرحمنُ منها يوسفَا”.
مؤلفاته وميراثه العلمي
خلّف الإمام الراحل تراثًا علميًّا كبيرًا في الحديث وعلومه، من أبرز مؤلفاته:
-
فيض الباري في شرح صحيح البخاري، وهو من أعظم ما كتب في العصر الحديث، حيث قدّم فيه شرحًا مبسطًا للحديث الشريف يربط بين نصوص السنة والواقع المعاصر.

-
تيسير مصطلح الحديث، والحديث النبوي ومكانته في التشريع الإسلامي، إلى جانب العديد من البحوث العلمية والندوات التي تناولت علوم الحديث والدعوة الإسلامية.
تقدير رسمي وشعبي
نال الدكتور أحمد عمر هاشم تقدير الدولة المصرية والأزهر الشريف؛ إذ كرمه الرئيس عبد الفتاح السيسي في حياته وبعد وفاته، تقديرًا لمكانته العلمية ودوره الدعوي، كما نعاه فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب مؤكدًا أن الأمة فقدت عالمًا ربانيًا مخلصًا في خدمته لدينه ووطنه.

