83
إنَّ حياة الإمام الجليل الشيخ عبدالرحمن تاج، قد تناولها المؤرِّخون والكُتَّاب، وسجَّلوا أغلب أعماله الصالحات، خاصَّة أنَّه تولَّى المشيخة في عهد الثورة المصريَّة في 23 يوليو 1952م، وحيث النهضة العلمية، وانتشار أجهزة الإعلام صوتًا وصورة، سجلت له أعماله، بشمولٍ ودقَّة، وسأحاول بسط صورة لحياته وأعماله وفقًا للمنهج الذي اتَّبعته في الترجمة للأئمة السابقين.
وبعد سلسلةٍ من الشهادات العلمية والمناصب المرموقة التي ارتقاها وأدَّاها بجدارة فائقة وحياة ناصعة في سبيل العلم وتأدية الواجب – صدَر قرارٌ جمهوري سنة 1954م بتعيين الشيخ عبدالرحمن تاج شيخًا للأزهر، وظلَّ في منصبه حتى عُيِّنَ وزيرًا في الاتحاد العربي بين اليمن ومصر وسوريا سنة 1958م وذلك أثناء الوحدة بين مصر وسوريا، واختِيرَ بعدها ليكون عضوًا في مجمع اللغة العربيَّة المصري سنة 1963م مع تبحُّره في العلوم النقلية والعقلية، وجمع بين الثقافتين الشرقية والغربية، وتعلم اللغات، وقام بإدخال إصلاحات عظيمة بالأزهر؛ منها: أنه قرَّر تدريس اللغات الأجنبية في جميع مراحل التعليم بدءًا من المعاهد والكليات والدراسات العُليا، واتَّفق على إنشاء مدينة البعوث الإسلامية لسكن الطلاب الوافدين للدراسة بالأزهر من شتَّى أقطار الأمم، وتضم 41 عمارة ومسجدًا ومكتبة وعيادة طبية ومطابخ ومرافق وساحات رياضية… إلخ.
لقد عرفت أنَّ الشيخ عبدالرحمن تاج جمَع بين الثقافتين: الشرقية والغربية، وأجاد اللغتين: العربية والفرنسية، وجمع بين عضويَّة المجمعين: الخالدين اللغوي والبحوث الأزهري، وهذا الشيخ يعدُّ من طليعة العلماء الذين لا حدَّ لتراثهم العلمي، ولا غاية ينتهون إليها، وللشيخ رسائل ومصنَّفات كثيرة وقيِّمة؛ في الفقه المقارن، وتاريخ التشريع… إلخ، وسنُشير لذلك.
لقد ترك الإمام الشيخ عبدالرحمن تاج ثروةً عظيمة من العلم والكتب بالعربية والفرنسية، بعضها مطبوع وبعضها منسوخ في مجمع البحوث الإسلاميَّة، أو منشور في مجلة “مجمع اللغة العربية” ونشيرُ إلى بعض مؤلفاته:
وبعد، فإنَّ حياة الشيخ “تاج” أوسع وأكبر من أنْ تُلخَّص في هذا السرد، وإنما في حاجةٍ إلى مجلدات كبيرة، تجمعُ أطراف هذه الحياة وتُعطَى حقَّها من الشرح والتفصيل، ولكنَّنا نكتفي بذِكر القليل، سائلين اللهَ سبحانه جزيلَ العطاء، وعظيمَ الأجر والثواب للفقيد العظيم.
المقالة السابقة