قصة سيدنا الخضر عليه السلام دروس وعبر

 

ghedr 2
بعض الدروس المستفادة من قصة سيدنا موسى وسيدنا الخضر ( عليهما السلام ) ..

أولًا : خلق التواضع : عن أبي بن كعب ” قلت لابنِ عباسٍ: إن نوفَا البَكالِيِّ يزعمُ أن موسى صاحبَ الخضرِ ليس هو موسى صاحبُ بني إسرائيلَ ، فقال ابنُ عباسٍ: كذبَ عدوُّ اللهِ : حدثني أبيُّ بنُ كعبٍ: أنه سمعَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول:( إن موسى قامَ خطيبًا في بني إسرائيلَ، فسُئِلَ: أيُّ الناسِ أعلمُ ؟ فقال: أنا ، فعَتِبَ اللهُ عليه إذ لم يردَّ العلمَ إليه ، فأوحَى اللهُ إليه إن لي عبدًا بمَجْمَعِ البحريْن هو أعلمُ منك “ . المصدر : صحيح البخاري – الجزء أو الصفحة : 4725 .
فظن سيدنا موسى ( عليه السلام ) أنه أعلم أهل الأرض؛ حيث كان يملك التوراة، ويملك صحف إبراهيم وموسى؛ فأراد الله تعالى أن يعلمه خلق التواضع من خلال هذه القصة عندما عاتبه، ثم أوحى إليه أن له عبدًا بمجمع البحرين أعلم منه، وهو سيدنا الخضر ( عليه السلام ) .

ثانيًا : علوي في مكانٍ أو في علمٍ ما أو في منصبٍ ما لا يعني علوي دائمًا على الناس ..
حين عاتب الحق تبارك، وتعالى سيدنا موسى ( عليه السلام ) بإدعائه أنه أعلم أهل الأرض، وأن هناك من هو أعلم منه، وهو سيدنا الخضر ( عليه السلام ) أذعن سيدنا موسى ( عليه السلام ) لأمر الحق تبارك، وتعالى، وعندما قابل سيدنا الخضر ( عليه السلام ) لم يقل له ( أنا موسى كليم الله والله تعالى أمرني أن آتي إليك فماذا لديك أعلم مني ؟؟ !! ) كما يمكن أن يحدث للبعض منا عندما يخبره أحد الناس أن هناك من هو أعلم منه؛ فيوقع نفسه في الكبر والغرور دون أن يدري، ولكن ما فعله سيدنا موسى ( عليه السلام ) كان مختلفًا؛ حيث قال لسيدنا الخضر ( عليه السلام ) ” هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا “؛ فهو يقول له بلسان الحال ( أنت الإمام وأنا التابع لك؛ فسأكون أنا التلميذ وأنت المعلم !!)
؛ فعلو سيدنا موسى ( عليه السلام ) في أمر العلم بالنبوة التي أوحاه الله تعالى إليها من خلال التوراة والألواح والصحف لا يعني علوه دائمًا في كل شيءٍ على سائر الناس، بل يمكن أن يكون هناك من هو أعلم منه في فنٍ آخر من فنون العلم، وكذلك الأمر بشأن الإمامة في الصلاة؛ فالإمام يؤمنا بالصلاة، ونحن التابعون له، ولكن هذا لا يعني إمامته للناس في شتى شئون الحياة؛ فقد يذهب الإمام بعد انتهاء الصلاة لمكتب أحد المتبوعين المأموين الذين كانوا يقفون وراءة في الصلاة؛ ليقضي عنده مصلحةً دنيويةً ما؛ فهنا انقلب الأمر على النقيض، وتبدل الحال؛ فالإمام صار متبوعًا لهذا الشخص، وهذا الشخص صار هو الإمام في هذه المصلحة؛ لأنه هو الذي يملك قضاءها له !!!
ثالثًا : الأدب في طلب العلم : حيث قال له سيدنا موسى ( عليه السلام ) “ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا “ . تأملوا كيف يعلمنا سيدنا موسى ( عليه السلام ) أسلوب الكلام والأدب الجم في طلب العلم من المعلم .
رابعًا : صحبة العالم وأثرها الإيجابي في طالب العلم : ففي هذه القصة المباركة إشارةٌ من الحق عز وجل إلى أهمية صحبة العالم، إلى أهمية صحبة المعلم؛ فأنا أصحبه كي أتعلم منه : كيف أرد ؟، ومتى أرد ؟، كيف أسكت، ومتى أسكت ؟، كيف أتكلم، ومتى أتكلم ؟، كيف أتعامل مع المواقف المختلفة ؟، كيف أكون قدوةً للتلاميذ إن صرت معلمًا بعد ذلك ؟ .. إلخ من الآثار الإيجابية لصحبة العالم .
خامسًا : التربية والقدوة جنبًا إلى جنبٍ مع العلم والعبادة : فمن الدروس المستفادة في هذه القصة أن المعلم أو الشيخ لا يقتصر في تعليمه لتلميذه على جانب العلم فحسب، بل لابد أن يجمع بين هذه الأمور الثلاثة جنبًا إلى جنبٍ مع بعضها البعض ( التربية والقدوة – العلم – العبادة ) .

مقتطفاتٌ من برنامج فاسألوا
د / محمد عبد العال الدومي – من علماء الأزهر الشريف .

Similar Posts