مهلا لا تجمع حسناتك فى كيسٍ مثقوب

 

مهلاً لا تجمع حسناتك فى كيسٍ مثقوبٍ ..

 

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين، سيد الأولين والآخرين، محمدٍ بن عبد الله (عليه أفضل الصلاة والتسليم)، وعلى الآل والأصحاب أجمعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

 

ما أتعسها من لحظاتٍ، وما أشدها ألماً للقلب …ما أصعب أن يبذل الإنسان مجهوداً كبيراً، وعملاً شاقاً، ثم يتضح له أن كل ما فعله، وكل ما بذله صار سراباً، صار هباءاً منثوراً.


هب أنك كنت فى إختبارٍ، وكنت تجيب على أسئلة الإمتحان، وقد أعددت جيداً لهذا الإمتحانن وذاكرت جيداً، وبذلت مجهوداً كبيراً، ثم تجد فى نهاية المطاف نتيجة الإمتحان ودرجاتك فيه لا تتفق تماماً مع ما بذلته من مجهودِ كبيرٍ … تخيل حينها ماذا يكون شعورك ؟؟؟ … ماذا يكون إحساسك ؟؟؟


مما لاشك فيه أنك ستصاب بإحباطٍ شديدٍ، وستقول فى قرارة نفسك ليتنى ما ذاكرت !!!! ليتنى ما تعبت !!!! ليتنى ما أنهكت نفسى وأتعبتها، وقد يصل بك الحال إلى أنك لا تريد التحدث مع أحدٍ، وتريد الإنعزال.


كل هذا قد يحدث لك بسبب إمتحانٍ من إمتحانات الدنيا، فما بالك إن حدث لك هذا فى الآخرة يوم يحشر الناس إلى ربهم قياماً، وينفخ فى الصور، ويقف كل امرىٍ بينه، وبين يدي مولاه ليس بينه وبينه ترجمان … ماذا يكون شعورك حينها !!! إذا كان إمتحان الدنيا يمكنك أن تتظلم فيه، وتطعن فيه المرة تلو الأخرى، فلن يمكنك أن تفعل ذلك فى الآخرة، وهيهات هيهات؛ فقد فات الآوان، وكل شىءٍ قد استبان، وكل سريرةٍ قد بليت وظهرت للعيان، إنه اليوم المشهود الذى تبلى فيه السرائر، ” يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ “.


والسؤال الذى يطرح نفسه هل من الممكن أن يعمل الإنسان أعمالاً صالحةً كثيرةًن وحسناتٍ جمةٍ كأمثال الأجبال، ثم يفاجىء أن كل ما فعله، وكل ما صنعه قد ذهاب أدراج الرياح ؟؟؟

 

والجواب: نعم. وهذا ما يخبرنا به الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وسلم) فى الحديث الشريف، والذى يقول فيه: ” أتدرون من المفلس ؟ قالوا:المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع , قال صلى الله عليه وسلم : إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة , ويأتي وقد شتم هذا ,وقذف هذا , وأكل مال هذا , وسفك دم هذا , وضرب هذا , فيعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته من قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار ” .. (رواه مسلم).

 

يا الله !!!

 

تأملوا إخوة الإيمان والإسلام كيف أن هذه المعاصى، والآثام تأكل الحسنات أكلاً حتى تصير فى مهب الريح، ينظر المرء منا يوم القيامة إلى هؤلاء أصحاب الحسنات الجمة والأعمال الصالحة الوفيرة؛ فيقول لنفسه يقيناً قد نجوا من العذاب … يقيناً قد نجوا من العقاب، ثم لا يلبث أن يجد حسنات هؤلاء وما قدموه من أعمالٍ تؤخذ منهم، وتسحب من أيديهم الحسنة تلو الحسنة والعمل الصالح تلو العمل الصالح؛ فيأخذه منهم أناس آخرون، أناس آخرون قد تعرضوا للغيبة من هؤلاء للظلم، أو للغيبة أو النميمة،؟ أو سفك الدماء، أو السب، وغيرها وغيرها من المعاصى التى تأكل الحسنات وتسحقها سحقاً، وتجعلها فى مهب الريح.

 

الله الله فى ترك المعاصى، البدار البدار إلى تقوى الله جل وعلا والحرص على مرضاته

 

أخى الكريم … أختى الكريمة هل تريد أن يكون كيس الحسنات الذى تمتلكه مثقوباً أم سليماً ؟؟؟ !!!

 

هذه الحسنات تجمعها وتتتعب فيها وتضعها فى هذا، وفى المقابل هذه هى السيئات والمعاصى، إنها المسامير التى تثقب هذا الكيس، وكلما زادت الثقوب صار الكيس فاسداً، وازداد تساقط الحسنات منه.

ختاماً … فليحرص كل منا على ما جمعه وحصله، ولا يضيع تعبه ومجهوده فيكون من المفلسين الخاسرين يوم القيامة كما أخبر الصادق المصطفى (صلوات الله عليه وسلامه).

 

والله تعالى أعلى وأعلم وهم حسبنا ونعم الوكيل.

 

وما كان من توفيقٍ فمن الله، وما كان من سهوٍ أو خطأٍ أو نسيانٍ فمنى ومن الشيطان والله ورسوله منه براء.

Similar Posts