27
أتم أحمد بن طولون بناء قصره عند سفح المقطم وأنشأ الميدان أمامه ، وبعد أن انتهى من تأسيس مدينة القطائع ، شيد جامعه على جبل يشكر فبدأ في بنائها سنة 263 هجرية : 876/ 77م وأتمها سنة 265 هجرية : 879 م وهذا التاريخ مدون على لوح رخامى مثبت على أحد أكتاف رواق القبلة . الجامع وإن كان ثالث الجوامع التي أنشئت بمصر، إلا أنه يعتبر أقدم جامع احتفظ بتخطيطه وكثير من تفاصيله العمارية الأصلية ، حيث أن أول هذه الجوامع جامع عمرو بن العاص الذي بنى سنة 21 هجرية / 642م ، ولم يبق أثر من بنائه القديم ، كما أن ثانيهما جامع العسكر الذي بنى في سنة 169 هجرية : 785/ 86م وقد زال مع انتهاء العسكر .
قال جامع السيرة الطولونية : وأما رغبته في أبواب الخير فكانت ظاهرة بينة واضحة فمن ذلك بناء الجامع و العين التي بناها بالمغافر وبناها بُنْيَةً صحيحة ورغبة قوية حتى أنها ليس لها نظير ولهذا اجتهد المادرانيون وأنفقوا أموال كثيرة ليحكوها فأعجزهم ذلك لأنها وقعت في موضع جيرانه كلهم محتاجون إليها وهي مفتوحة طول النهار. والذي تولى لأحمد بن طولون بناء هذه العين رجل نصرانيّ حسن الهندسة حاذق بها وإنه دخل إلى أحمد بن طولون في عشية من العشايا فقال له : إذا فرغت مما تحتاج إليه فأعلمني لنركب إليها فنراها فقال: يركب الأمير إليها في غد فقد فرغت وتقدّم النصرانيّ فرأى موضعًا بها يحتاج إلى قصرية جير وأربع طوبات فبادر إلى عمل ذلك وأقبل أحمد بن طولون يتأمل العين فاستحسن جميع ما شاهده فيها ثم أقبل إلى الموضع الذي فيه قصرية الجير فوقف بالاتفاق عليها فلرطوبة الجير غاصت قدم الفرس فيه فكبا بأحمد ولسوء ظنه قدر أن ذلك لمكروه أراده به النصراني فأمر به فشق عنه ما عليه من الثياب وضربه خمسمائة سوط وأمر به إلى المطبق وكان المسكين يتوقع من الجائزة مثل ذلك دنانير فاتفق له اتفاق سوء. انصرف أحمد بن طولون وأقام النصرانيّ إلى أن أراد أحمد بن طولون بناء الجامع فقدّر له ثلاثمائة عمود فقيل له ما تجدها أو تنفذ إلى الكنائس في الأرياف والضياع الخراب فتحمل ذلك. فأنكره ولم يختره وتعذب قلبه بالفكر في أمره وبلغ النصرانيّ وهو في المطبق الخبر فكتب إليه: أنا أبنيه لك كما تُحب وتختار بلا عمد إلاّ عمودي القبلة فأحضره وقد طال شعره حتى تدلى على وجهه فبناه.
يتكون جامع أبن طولون ويبلغ طول الجامع 138 مترا وعرضه 118 مترا تقريبا يحيط به من ثلاثة جهات – البحرية والغربية والقبلية – ثلاث زيادات عرض كل منها 19 متراً ويكون الجامع مع هذه الزيادات مربعاً طول ضلعه 162 متراً على وجه التقريب من صحن مكشوف مربع طول ضلعه 92 متراً يتوسطه قبة محمولة على رقبة مثمنة ترتكز على قاعدة مربعة بها أربع فتحات معقودة وبوسطها حوض للوضوء ويوجد سلم داخل سمك حائطها البحرية يصعد منه إلى منسوب الرقبة,. ويحيط بالصحن أربعة أروقة أكبرها رواق القبلة ويشتمل على خمسة صفوف من العقود المدببة المحمولة على أكتاف مستطيلة القطاع استديرت أركانها على شكل أعمدة ملتصقة ويشمل كل من الأروقة الثلاثة الأخرى على صفين فقط . ويغطى الأروقة الأربعة سقف من الخشب حديث الصنع وبأسفله ركب الإزار الخشب القديم المكتوب عليه من سور القرآن الكريم بالخط الكوفى المكبر. الصورة المقابلة بواكى جامع أبن طولون ويتوسط الزيادة الغربية الفريدة في نوعها والتي لا توجد مثيلة لها في مآذن القاهرة وأغلب الظن أنها اقتبست سلمها الخارجى من المنارة الأصلية للجامع وبنيت على نمط مئذنة وهي بنيت مربعة من أسفل ثم أسطوانية وتنتهى مثمنة تعلوها قبة ويبلغ ارتفاعها أربعين مترا.
المنبر الأول : منبر المسجد الموجود بدير القديسة كاترين بسينا والذي أمر بصناعته الأفضل شاهنشاه بدر الجمالى في أيام الخليفة الفاطمى الآمر بأحكام الله سنة 500 هجرية : 1106م .
• القبة المقامة وسط الصحن عوضا عن القبة التي شيدها الخليفة الفاطمى : العزيز بالله سنة 385 هجرية : 995م والتي كان قد أقامها بدلا من القبة الأصلية التي احترقت سنة 376 هجرية : 986م.
المقالة السابقة