المراهقة .. و شكل الجسم

في سنوات المراهقة يزداد هوس المراهقين بمظهرهم وتنمو بداخلهم مخاوف رهيبة من زيادة الوزن – خاصة الفتيات – وقد يصل الأمر بالبعض إلى رؤية نفسه سمينا وسيء المظهر، بينما هذا مخالف تماما للواقع، وهذه المخاوف إذا تطورت بشكل مرضي تجعل المراهق أو المراهقة يقاطع الطعام في أغلب الأحيان مما يؤثر سلبا على صحته ونموه في هذه المرحلة السنية الهامة.

ويجب على المراهقين أن يتفهموا أنهم يتعرضون لتغيرات فسيولوجية كبيرة في هذه السن تشكل الطول والوزن وتركيب الجسم ككل، وأن هذه التغيرات ومعدل حدوثها تعتمد بشكل كبير على الصفات الوراثية الغالبة في الأسرة.

الطول

الحقائق العلمية تؤكد أن ربع طول الإنسان بعد تمام نموه يرجع إلى الطفرة التي تحدث في طول الشخص خلال مرحلة المراهقة وتحديدا ما بين سن 10 – 13 سنة بالنسبة للفتيات، ومن 12- 15 سنة بالنسبة للأولاد. ونظرا لأن الطفرة في الطول تحدث للبنات قبل الأولاد، فإن أغلب الفتيات يشعرن أن طولهن مبالغ فيه، بينما يشعر الأولاد المساوون لهن في العمر بأنهم قصار القامة وتنتابهم مخاوف من تأخر النمو. وبالمثل يصل النمو لشكله النهائي لدى البنات في عمر 16 سنة بينما يستمر نمو الفتيان حتى سن 18سنة.

الوزن وتكوين الجسم

ويقدر الوزن الذي يكتسبه الجسم بالتزامن مع طفرة الطول التي تحدث في سنوات المراهقة بحوالي 40% من وزن الإنسان البالغ. وتختلف الزيادة في الوزن عند الفتيات عنها لدى الفتيان، فالبنات يكتسبن كما أكبر من الدهون في هذه المرحلة مقارنة بالأولاد، فنسبة الدهون في جسم الفتاة تكون 16% قبل مرحلة البلوغ وترتفع بعدها لتصل إلى 27% من إجمالي وزن الجسم، أما الفتى فتكون نسبة الدهون في جسده 5% قبل مرحلة البلوغ وتصل بعدها إلى 11% فقط وتظل كذلك في المراحل التالية من العمر.
تزداد كذلك كتلة العضلات بعد الطفرة التي تحدث في الطول، ويكون معدل الزيادة في الفتيان ضعف نظيره لدى الفتيات. وتلي تلك المرحلة زيادة قوة العضلات.

الفروق الفردية في معدل النمو

من العوامل المهمة جدا في نمو المراهقين، الفروق الفردية بين بعضهم البعض في معدل هذا النمو. فعلى سبيل المثال قد نجد فتاتين في نفس الطول تقريبا في سن 11 سنة، وكذلك في سن 16 سنة عند وصول الجسم لمرحلة الاستقرار والثبات، لكن إذا قارنت بينهما خلال الخمس سنوات الواقعة بين هاتين النقطتين، ستجد أن إحداهما كانت أطول من الأخرى بشكل واضح في إحدى المراحل وكانت معالم الأنوثة تبدو عليها بشكل أوضح.

ولكن معظم المراهقين لا يدركون للأسف أن النتائج النهائية قد تتساوى، وبالتالي فإن هذا التفاوت في النمو بين المراهقين في مرحلة ما قد يترك أثرا سلبيا على نفسية المتأخرين منهم لأنهم دائما ما يقارنون بينهم وبين أقرانهم المساوين لهم في العمر. فالنمو ذو الإيقاع المتسارع لدى بعض المراهقين قد يعطي الناس عنهم انطباعا بأنهم ليسوا أكثر طولا أو قوة من أقرانهم فقط، بل يجعل الآخرين يتوهمون أنهم متفوقون كذلك في النمو العقلي والعاطفي، وهذا يدفعهم للتعامل مع هذه الفئة بشكل مختلف يسبب حزنا للآخرين أصحاب النمو الأبطأ.

كذلك النمو السريع لبعض الفتيات قد يمنحهم شعورا زائفا بالنضوج وهذا قد يؤدي بهن للانجراف إلى علاقات عاطفية مبكرة وغير مناسبة في هذه السن، بل قد يدفع بعض الأسر – خاصة في الريف- لتزويج بناتهن مبكرا وتحميلهن مسئولية مازالت أكبر كثيرا من مستوى إدراكهن.

وعليه يجب على المراهقين عدم التسرع في هذه المرحلة في إصدار أحكام على مظهرهم من حيث الطول والوزن، والاندفاع في إجراء حميات غذائية مبالغ فيها أو أداء تمارين رياضية عنيفة بهدف الوصول للجسم المثالي ومجاراة أقرانهم أصحاب النمو الأسرع.

فالأفضل لضمان جسد صحي ونمو سليم هو الانتظار حتى تمام عملية النمو والوصول إلى مرحلة استقرار الطول والوزن بشكل نهائي، ولكن هذا لا يمنع ممارسة قدر مناسب من الرياضة بانتظام، والحفاظ على نظام غذائي متوازن يمد الجسم بجميع العناصر الغذائية الضرورية وبكميات معتدلة.

Similar Posts