في لحظة تاريخية طال انتظارها، وبأنظار العالم أجمع، أزاحت مصر الستار عن أضخم صرح حضاري في القرن الحادي والعشرين: المتحف المصري الكبير، الذي يقف شاهدًا على عظمة المصري القديم وعبقريته التي وضعت أسس العلم والفكر والفن منذ آلاف السنين.
هذا الافتتاح الاستثنائي لم يكن مجرد حدث ثقافي، بل رسالة خالدة للعالم تؤكد أن من أرض مصر وُلدت الحضارة، ومن بين جدرانها كُتبت أولى صفحات التاريخ الإنساني.
فالمتحف لا يضم حجارة أو آثارًا فحسب، بل يحكي قصة الإنسان المصري الذي أبدع في الطب والفلك والهندسة والزراعة والفنون، ووضع مبادئ العدالة والضمير قبل آلاف السنين.
الرئيس السيسي: مصر تكتب فصلاً جديدًا في تاريخ الإنسانية
وخلال الحفل، ألقى الرئيس عبد الفتاح السيسي كلمة أكد فيها أن افتتاح المتحف يمثل فصلًا جديدًا في تاريخ مصر الحديث، قائلاً:
هذا الصرح العظيم ليس مجرد مكان لحفظ الآثار، بل شهادة حيّة على عبقرية المصري الذي شيد الأهرامات ونقش على الجدران سيرة الخلود. المتحف المصري الكبير منارة للحوار، ومقصد للمعرفة، وملتقى للإنسانية.

وأعرب الرئيس عن تقديره للدعم الدولي الكبير الذي حظي به المشروع، وخاصة مساهمة اليابان، موجّهًا الشكر لكل من شارك في هذا العمل من مهندسين وباحثين وأثريين وعمال، الذين حولوا الحلم إلى واقع.
أكبر متحف للحضارة المصرية في العالم
يُعد المتحف المصري الكبير أكبر متحف مخصص لحضارة واحدة في العالم، حيث يضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية تجسد تاريخ مصر من عصور ما قبل التاريخ وحتى العصر الروماني، من بينها 57 ألف قطعة معروضة للجمهور، أبرزها مقتنيات الملك توت عنخ آمون التي تُعرض كاملة لأول مرة.
ويقف تمثال رمسيس الثاني شامخًا في البهو الرئيسي ليستقبل الزائرين، في مشهد يرمز لعظمة التاريخ المصري. وتم نقل التمثال العملاق بعملية هندسية فريدة عام 2006 دون أي تلف، ليصبح أول قطعة تُنقل إلى موقع المتحف.
مردود اقتصادي وسياحي ضخم
وأكد باسم حلقة، نقيب السياحيين من خلال برنامج “أهل مصر” والذي يذاع على قناة أزهري الفضائية، أن افتتاح المتحف يمثل نقطة تحول في تاريخ السياحة المصرية، مشيرًا إلى أنه من المتوقع أن يجذب المتحف أكثر من 5 ملايين زائر سنويًا، ليعزز من مكانة مصر على خريطة السياحة العالمية، ويرفع إجمالي عدد السائحين إلى أكثر من 22 مليون زائر سنويًا خلال الأعوام المقبلة.
وأضاف أن موقع المتحف بالقرب من مطار سفنكس الدولي ومنطقة الأهرامات يجعله مركز جذب رئيسي، يسهم في تنشيط الحركة السياحية وخلق فرص عمل جديدة، إلى جانب دعم الاقتصاد الوطني.
رمز للسلام والحوار بين الشعوب
أما الدكتور مجدي شاكر، كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار، فأوضح أن حضور أكثر من 79 رئيس دولة وملكًا وشخصية دولية لحفل الافتتاح هو “أكبر دعاية مجانية لمصر”، مشيرًا إلى أن المتحف ليس ملكًا لمصر وحدها، بل ملكٌ للإنسانية جمعاء.
وأضاف: “من ضفاف النيل انطلقت أنوار الحكمة لتضيء طريق الحضارة، واليوم تعود مصر لتقود العالم من جديد بروح التعاون والسلام.”
مستقبل مشرق للحضارة والسياحة
يرتبط افتتاح المتحف المصري الكبير بخطة الدولة لتحويل منطقة الأهرامات إلى وجهة عالمية متكاملة، تضم متاحف ومراكز ثقافية ومشروعات سياحية ضخمة، بما في ذلك تطوير منطقة نزلة السمان والظهير الصحراوي الممتد حتى سقارة ودهشور.
ويعد المتحف المصري الكبير خطوة غير مسبوقة نحو تحقيق رؤية مصر 2030 في بناء اقتصاد قائم على الثقافة والسياحة المستدامة، وإحياء الهوية المصرية التي أبهرت العالم منذ فجر التاريخ.
لمشاهدة الحلقة كاملة
