هل كان محمد صلى الله عليه وسلم يدعو إلى تعظيم الحجر الأسود ؟

 

إنهم فى هذه المقولة ـ يريدون أن يتهموه بأنه كان يعظم الحجر الأسود ـ بل ويعظم الكعبة كلها بالطواف حولها وهى حجر لا يختلف فى زعمهم عن الأحجار التى كانت تصنع منها الأوثان فى الجاهلية وكأن الأمر سواء !!

حقيقة الأمر أن من بعض ما استقاه الإسلام من أحوال السابقين مما كان فيه من تعاون على خير أو أمر بمعروف ونهى عن منكر ، من ذلك ثناء الرسول صلى الله عليه وسلم على حِلْف كان فى الجاهلية يسمى ” حِلْف الفضول ” وهو عمل إنسانى كريم كان يتم من خلاله التعاون على نصرة المظلوم ، وفداء الأسير ، وإعانة الغارمين ، وحماية الغريب من ظلم أهل مكة وهكذا..

وقد أثنى الرسول صلى الله عليه وسلم على هذا الحلف وقال: لو دعيت إلى مثله لأجبت.

وأيضًا كان مما استقاه الإسلام من فضائل السابقين مما ورثوه عن إبراهيم – عليه السلام – تعظيمهم للبيت الحرام وطوافهم به ؛ بل وتقبيلهم للحجر الأسود.

وهناك بعض مرويات تقول إن هذا الحجر من أحجار الجنة.

وهنا فقط لا يكون أمامنا إلا ما ثبت من أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقبل الحجر الأسود عند طوافه بالبيت ، وهو ما تنطق به الرواية عن عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ أنه قال عن تقبيله لهذا الحجر: (والله إنى لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ، ولولا أنى رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك).

وهنا نقول:

من المستحيل أن يكون تقبيل الرسول صلى الله عليه وسلم للحجر الأسود من باب المجاراة أو المشاكلة لعبدة الأصنام فيما كانوا يفعلون.

ومستحيل أيضًا أن يكون صلى الله عليه وسلم قد فعل ذلك – أى تقبيل الحجر الأسود – دون وحى أو إلهام وجهه صلى الله عليه وسلم إلى تقبيل الحجر بعيدًا بعيدًا عن أى شبهة وثنية أو مجاراة لعبدة الأصنام.

ولأنه صلى الله عليه وسلم قال: [خذوا عنى مناسككم] فقد أصبح تقبيل الحجر الأسود من بعض مناسك الحجاج والعمار للبيت الحرام.

كما أن تعظيم الحجر الأسود هو امتثال لأوامر الله الذى أمر بتعظيم هذا الحجر بالذات ، وهو سبحانه الذى أمر برجم حجر آخر كمنسك من مناسك الحج فالأمر بالنسبة للتعظيم أو الرجم لا يعدو كونه إقرارًا بالعبودية لله تعالى وامتثالاً لأوامره عز وجل واستسلامًا لأحكامه.

أضف إلى ما سبق ذكره أنه يمكننا تشبيه قضية تقبيل الحجر الأسود بقصة سجود الملائكة لآدم عندما أمرهم ربهم بذلك؛ حيث قال جل شأنه: ” وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ” ؛ فهل يمكننا القول بأن سجودهم له كان شركا ً!!
كلا بل سجودهم له إنما كان طاعةً لله تبارك وتعالى الذى أمرهم بذلك، ومن المعلوم أن الطاعة من أعظم مقتضيات العبادة؛ فلا تصح العبادة دون طاعة؛ فالعبادة والطاعة أمران متلازمان لا ينفكا عن بعضهما بحال كما يقول سبحانه وتعالى” أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ”، ” وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ “، ” أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ “، وغيرها من الآيات التى قرن فيها الحق تبارك وتعالى بين العبادة والطاعة بصورةٍ مباشرةٍ كما فى الآية الأولى، أو بصورةٍ غير مباشرةٍ كما فى الآيتين الأخريين، واللتان تضمنتا إقتراناً بين إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة بإعتبارهما من مسائل العبادة، وبين الطاعة.

نقلاً بتصرف عن كتاب (حقائق الإسلام فى مواجهة شبهات المشككين ) الصادر عن وزارة الأوقاف المصرية.

Similar Posts