الفرق بين الحب والمراهقة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كيف لي أن أعرف أن مشاعري تجاه الجنس الآخر هي حب حقيقي، وليست مراهقة؟

الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فقبل الإجابة على سؤالك الكريم، نود الإشارة إلى معنى الحب الحقيقي، فمن أعظم العلوم والمعارف، أن تعلمي أن الله تعالى قد فطر النساء والرجال على الميل لبعضهم البعض، فالمرأة تميل للرجل والرجل يميل إليها، بحسب ما ركبه الله تعالى في طبيعتهما من الميل لبعضهما البعض، وهذا الميل يعود للطبيعة نفسها، ويعود أيضًا للتوافق النفسي بين هذا الرجل وهذه المرأة.
فالتوافق النفسي يجعل الرجل والمرأة منجذبين لبعضهما أكثر من غيرهما، وذلك لتوافقهما في الصفات التي لدى كل واحد منهما، وهذا المعنى قد شرحه النبي صلى الله عليه وسلم شرحًا بليغًا عظيمًا موجزًا بأسهل عبارة وأوضح إشارة، كما أخرجه البخاري في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف) فبين صلوات الله وسلامه عليه أن حصول الائتلاف والمودة راجع إلى التوافق في الصفات المعنوية، كما أن حصول التناكر -أي النفور- راجع إلى الاختلاف في هذه الصفات.
إذا علم هذا فإن الحب والمودة أمران لا يحرمهما الله تعالى، ولا يمنع منهما، بل يحث عليهما ويأمر بهما، ولكن وفي الوقت نفسه يضبطهما ضبطًا سليماً، فيجعلهما في المحل المناسب، الذي لا يؤدي إلى الأضرار المحققة، وهذا المحل المناسب هو الزواج، نعم.. الزواج الكريم الذي تسمو فيه العلاقة بين الزوجين، فتخرج من نطاق الشهوة الجسدية، إلى آفاق أرحب وأوسع، فتخرج إلى الرحمة الندية، والسكينة التي تغمر الزوجين، والمودة الدافئة، والطمأنينة التي تجعلهما نفسًا واحدة في جسدين منفصلين، وهذا هو الذي أشار إليه – جلا وعلا – بقوله: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون}.
فهذا هو المكان المناسب لتنطلق فيه هذه المعاني، ولتفيض فيه هذه المشاعر الصادقة، ولذلك كان الزواج مطلوبًا مرغّبًا فيه في هذا الدين الكريم، بل إن العلاقة بين الزوجين، هي علاقة يؤجر عليها الزوجان ويثابان عليها، كما قال صلى الله عليه وسلم: (وفي بُضع أحدكم – يعني المعاشرة بين الزوجين – صدقة).
إذا ثبت هذا فإن الحب الصادق ينبغي أن يكون في هذا الإطار (الزواج) وأن تجعلي نظرك وهمك في تحصيل مرضات الله تعالى وتقواه، لييسر لك عامة أمورك، والتي منها الزواج الصالح.
وأما ما يحصل بين الرجال والنساء، من العلاقات المحرمة، فهذه علاقات تنتج من دوام النظر والتفكير والتخيل، فيتعلق القلب لذلك بهذا الرجل أو بتلك الفتاة، وهذا أيضًا نوع من الحب، ولكنه حب غير عفيف، لأنه ناتجٌ عن معصية الله تعالى، وأما الحب النظيف الطاهر، فمحله مكان آخر هو أرفع وأسمى، فلا إثم فيه ولا عار يلحق منه.

ونسأل الله تعالى لك التوفيق والصلاح، وأن يرزقك الزوج الصالح، والبيت المؤمن السعيد الذي يقر عينك، وبالله التوفيق.

Similar Posts